جارح او مجروح
+++
عندما ياتى ذكر الجروح لا اعلم لماذا اتذكر مجنون كورة الجدريين على الاخص . ان حاله احبائى حال كثيرين منا وحتى لا نكون بعيدين عن المعنى تعالوا نذهب للنص الالهى لنعرف اكثر عمن نتحدث ففى انجيل مرقس يقول الله عن هذا المجنون : انه قد ربُط كثيرا بقيود وسلاسل وقطع السلاسل وكسر القيود فلم يقدر احد ان يذلله كان دائما ليلا ونهارا فى الجبال وفى القبور يسير ويجرح نفسه بالحجاره ( مر 5 : 5)
ان اول ما نرى هنا ان الانسان قد يجرح نفسه دون ان يدرى . يجرح نفسه مرارا ولا يحس بألم الجرح .
بل يصل لحد ان يدمن تجريح نفسه ومهما فعل الاخرون له كى لايفعل هذا بنفسه انه يستلذ بجرح ذاته . وينتهى كل امر يخوضه كما انتهت اعداد القديس مر قس الرسول فى وصف مجنون الجدريي . انه يجرح نفسه بالحجارة .
كثيرين يتقدمون للمساعده . يربطونه بقيود . يسلسلونه . ولانه لا يعى ولا يستلذ الا ان يجرح نفسه ولا يعى ماذا يصنع ولان قوة الشر صاحبته ولان قوته مع قوة الشر صارت طاقة جباره قطع السلسلة وكسر القيد وهام مرة ومرات الجبل ليل نهار غير مبال بقيظ النهار ان يحرق جلد جسده وغير مبال برعبة الليل ان تدخل قلبه فصار جسده درعا وصار قلبه حجرا . ولم يقدر احد - اى احد - ان يذلله حتى راى رب المجد فصاح فيه وخرجت شياطينه بقوة شره وصار نسمة وديعه ويقول القديس مرقس عنه انه صار "جالسا و لابسا و عاقلا " ( مر 5 :15 ) وقال بلسانه ذات المجنون ليسوع اينما تذهب اتى معك ( 18 ) .
انظر هل تعلمت شيئا ان الجروح يمكن ان نكون نحن اول من نصنعها لانفسنا دون ان ندرى .
ولكن هل من جروح يصنعها الاخرون بنا ، هابيل قدم ذبيحة مرضيه ولم يذكر الكتاب انه قال لاخيه ان ذبيحتك يا اخى معيبه بل صمت فقتل ( تكوين 4 ) يوسف تدلل بحلومه وشموسه واقماره امام اخوته فاسقط فى الجب ( تك 37 : 5 ، 9 ، 24 ) سارة عيرت هاجر فكسر ابناء هاجر المعموره وصاروا كُثر ( تك 20 : 17 )
حتى تلاميذ الرب قالوا للاعمى تنحى دع السيد يمر بسلام ابعد بوجهك الغريب الذى بلاعينين فكان الاعمى اول من فتحت عينيه قبلهم وكان باكورة الواقفين امام السيد هذا اليوم .
دون قصد هابيل جرح اخيه الاوحد ، ويوسف مع اخوته ساره جرحت جريتها الاولى المختاره ، فلا تستثنى احدا من ان يكون جارحك فالابن فعلها مع الاب هذا صنعه يعقوب مع اسحق وخدعه والاب خدع
الابن ابراهيم جعل يقول لاسحق سنقدم للرب محرقة وكان اسحق هو ذاته المحرقه .وهل تتذكرون ما صنعه شمعى ابن جيرا بمسيح الرب وقوله له يارجل الدماء ورجل بيلعال ( 2صم 16 : 5 )
فانظر وتعلم ان الجروح تاتى من الكل من الاقرباء والغرباء وقساوتها تشتد وتشتد من الاقربين اكثر
اما الشيطان يا ساده اين جروحه هل هو ثالث الجارحين كما اضعه هنا انا ثالثا .لكن حقيقة الامر هو الاول ومن غيره يكون اول الجارحين .
فكم من وعود نكث بها فصارت جراحا وكم من احلام ضيعها فصارت جراحا
كم من خسائر اوجدها وكم من مكاسب افقدها
كم من بلايا احضرها وكم من امراض اعلنا بها
كم من افراح نزعها وكم من اطراح اقامها
كم من حروب انشأئها وسلام اضاعه .
من مثله فى الجرح ليس له مثيل ولا نظير جارح بلا شفقه ولا رافه
فانظر ايضا هل تشك ان الشياطين من اكثر الجارحين لنا
ومن كثرة الشرور اصبح العالم جارحا بطبيعته فيقول الوحى المقدس ان للرب محاكمة مع سكان الارض . لا امانه ولا احسان ولا معرفة لله لعن وكذب وسرقه وفسق يعتنقو ودمـــــــــاء تلحق دماء ( هوشع 4 : 2) . العالم كله جروح اذا يأخذ يجرح وان اعطى يجرح دماء تلحق دماء
اذا
ماذا بعد بقى للانسان اذ صار جرح كبير من اسفل القدم الى الراس ليس فيه صحه بل جرح واحباط وضربه طريه لم تعصب ولم تلين بالزيت ( اش 1 : 6 )
او كما يقول سليمان حبر جرح منقيه للشرير وضربات بالغه مخادع البطن ( امثال 20 :3 )
جرحات جسد الانسان واسقامه اكثر من سلامته وصحته .
ولكن انتظر ليس العالم جروح بلا مطبب انتظر ذاك الذى اقام يوسف فى مصر لينقذ شعبه . الذى ارسل الرسل لكل المسكونه فأفتتنوها .الذى بدل ذبيحة اسحق بحمل وديع بلا عيب