إذ كان الفلاح العجوز يحرث أرضه إعتاد أن يضع ثوراً و بغلاً معاً يقوما بسحب المحراث .
تكونت صداقة قوية بين الثور و البغل اللذين كانا يمارسان عملهما معاً بكل إجتهاد .
قال الثور للبغل : " لقد تعبنا أياماً كثيرة في حرث الأرض ، و لم يعطنا الفلاح راحة كافية . هيا بنا نلعب دور المريضين ، فيهتم بنا و يريحنا قليلاً " .
أجاب البغل : " لا كيف نتمارض و موسم الحرث قصير ، و الأيام مقصرة ، إن الفلاح يهتم بنا طوال العام ، و يقدم لنا كل إحتياجاتنا . لنعمل بإجتهاد حتى ننتهي من عملنا ، فيفرح بنا الفلاح "
قال الثور : " إنك غبي و غير حكيم . لتعمل أنت بإجتهاد ، فيستغلك الفلاح ، أما أنا فسأتمارض " .
إذ تظاهر الثور بالمرض قدم له الفلاح عشباً طازجاً و حنطة و إهتم به جداً و تركه يستريح .
عاد البغل من الحرث مرهقاً إذ كان يسحب المحراث بمفرده ،
فسأله الثور : "ما هي أخبارك ؟ "
أجابه البغل : " كان العمل شاقاً ، لكن اليوم عبر بسلام "
عندئذ سأله الثور :" هل تحدث الفلاح عني ؟ " .
أجاب البغل :" لا " .
في الصباح قام الثور بنفس الدور حاسباً أنه قد نجح في خطته ليعيش في راحة و يعفي نفسه من العمل ،يأكل و يشرب و ينام بلا عمل . و في نهاية اليوم جاء البغل مرهقاً جداً .
سأل الثور البغل كما في اليوم السابق عن حاله
فأجابه : " كان يوما مرهقاً جداً ، لكني حاولت أن أبذل جهداً أكثر لأعوض عدم مشاركتك إياي في العمل " .
فتهلل الثور جداً و سخر بالبغل لأنه يرفض أن يتمارض فيستريح معه .
سأل الثور البغل : " ألم يتحدث معك الفلاح بشيء عني ؟ "
أجابه البغل : " لم يتحدث معي بشيء ، لأنه كان منهمكاً في الحديث مع الجزار " .
هنا إنهار الثور و أدرك أن الفلاح سيقدمه غداً للذبح ، لأنه لا يصلح للعمل بعد .
كثيراً ما نظن أن راحتنا هي في الكسل و التراخي ، فنتمارض و نعطي لأنفسنا أعذاراً ، و لا ندرك إننا بهذا نعد أنفسنا للذبح
كثيراً ما نتلذذ بشهوات الجسد ، ظانين أن ذلك فيه راحة و مكسب ، لكنه تأتي لحظات ندرك أننا كنا نذبح أنفسنا .
لنعمل و لنجتهد الآن فنحيا... و نغلب... و نكلّل